نمر جميعًا بأوقات نفتقر فيها إلى الثقة، والرضا عن أنفسنا، ولكن عندما يصبح تدني احترام الذات مشكلة طويلة الأمد، يمكن لذلك أن يؤثر على صحتنا العقلية وحياتنا اليومية. وفي حين أن كل شخص لديه شكوك حول نفسه من حين لآخر، فإن تدني احترام الذات يمكن أن يجعلك تشعرين بعدم الأمان وعدم التحفيز.
قد يكون باستطاعتك تحديد بعض الأشياء التي تؤثر على تقديرك لذاتك، إذ ربما تتعرضين للتنمر، أو ربما تشعرين بالوحدة، أو قد يكون ذلك لغزًا. إذا كنت تبحثين عن طرق لتحسين تقديرك لذاتك، فسنعرض لك خطوات تقدير الذات بطرق علمية وبسيطة. تابعي معنا…
ما هو تقدير الذات؟
يتعلق احترام الذات بكيفية تقديرنا لأنفسنا، وتصوراتنا حول من نحن وما نحن قادرون عليه. وغالبًا ما يرتبط تقدير الذات إما بقدراتنا أو بتصورات الآخرين عنا. باختصار، احترام أو تقدير الذات، هو رأيك في نفسك وقدراتك وما تشعرين به حيال نفسك. فعندما يكون تقديرك لذاتك صحي وعالي، ستميلين إلى الشعور بالإيجابية تجاه نفسك، وتجاه الحياة بشكل عام، مما يجعلك أكثر قدرة على التعامل مع تقلبات الحياة.
أما عندما نعاني من تدني احترام الذات نشعر بعدم الأمان، وعدم التحفيز ونميل إلى رؤية أنفسنا وحياتنا من منظور سلبي. هذا يولد أيضًا شعورًا بضعف قدرتنا على مواجهة التحديات التي تفرضها علينا الحياة.
ما الذي يسبب تدني احترام الذات؟
غالبًا ما يبدأ تدني احترام الذات في مرحلة الطفولة. عندما يرسل لنا محيطنا رسائل إيجابية وأخرى سلبية عن أنفسنا. لسبب ما، فإن الرسالة التي تفيد بأنك لست جيدًة، بما يكفي، هي الرسالة التي تبقى معك، وتؤثر فيك. ربما وجدت صعوبة في الارتقاء إلى مستوى توقعات الآخرين منك، أو توقعاتك الخاصة.
كما يمكن أن يكون للتوتر وأحداث ومجريات الحياة الصعبة، مثل المرض الخطير أو الفجيعة أو الطلاق، أو العنف المنزلي وسوء المعاملة والاعتداء، تأثيرًا سلبيًا على احترام ذاتك وتقديرها. ويمكن أن تلعب الشخصية أيضًا دورًا هامًا في هذا السياق، بعض الناس أكثر عرضة للتفكير السلبي ، بينما يضع البعض الآخر معايير عالية ومستحيلة لأنفسهم.
كيف يؤثر تدني احترام الذات علينا؟
إذا كنت تعانين من تدني احترام الذات، أو ضعف ثقتك بنفسك، قد تلجأي إلى اخفاء نفسك بعيدًا عن المواقف الاجتماعية، وتتوقفي عن تجربة أشياء جديدة، وتتجنبي المواقف التي تجدينها صعبة. نتيجة لذلك، قد يجعلك، هذا التجنب، تشعرين بالأمان على المدى القصير.
أما على المدى الطويل، فيمكن أن يأتي هذا بنتائج عكسية تمامًا، لأن ذلك يعزز شكوكك ومخاوفك الأساسية. ويعلمك أن الطريقة الوحيدة للتأقلم مع محيطك هي تجنب الأحداث، وهي طريقة خاطئة طبعًا. مع العلم أن العيش، مع تدني احترام الذات، يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بصحتك العقلية، ويؤدي إلى مشاكل نفسية، مثل الاكتئاب والقلق. يمكن أيضًا أن تتطور عندك عادات ضارة، كـالتدخين والإفراط في الشرب، كطريقة للتكيف مع محيطك.
خطوات تعزيز احترام الذات
فيما يلي بعض الخطوات البسيطة، التي قد تساعدك على تعزيز احترامك وتقديرك لذاتك، والشعور بالراحة تجاه نفسك.
كوني لطيفة مع نفسك:
في الأوقات التي تشعرين فيها أنك تنتقدي نفس، فكري فيما ستقوليه لصديقة، في موقف مشابه، وقوليه لنفسك، فنحن غالبًا ما نقدم نصائح للآخرين أفضل مما نقدمها لأنفسنا.
ركزي على أهدافك وإنجازاتك:
مقارنة نفسك بالآخرين طريقة مؤكدة لبدء الشعور الخاطئ. حاولي التركيز على أهدافك وإنجازاتك، بدلاً من قياسها مقابل أهداف وإنجازات شخص آخر. لا أحد يحتاج إلى هذا النوع من الضغط.
احصلي على جرعة إندورفين:
احصلي على جرعة إندورفين، هرمون الشعور بالسعادة، من خلال ممارسة الرياضة، فالتمارين الرياضية طريقة ناجعة للتحفيز، و تحديد الأهداف وبناء الثقة، حيث يؤدي التعرق إلى إفراز الجسم لهرمون الإندورفين.
لا تبحثي عن الكمال:
احرصي دائمًا على أن تكوني أفضل نسخة من نفسك، ولكن من المهم أيضًا قبول مبدأ أن الكمال هدف غير واقعي.
سامحي نفسك فالجميع يرتكب الأخطاء:
ارتكاب الأخطاء، في الحياة، ضروري من أجل التعلم واكتساب الخبرة، لذا حاولي ألا تضغطي على نفسك إذا أخطأت، أو نسيت تنفيذ مهمة بالغة الأهمية. سامحي نفسك، فالجميع يرتكب الأخطاء.
ركزي على ما يمكنك تغييره:
التعلق بالأشياء الخارجة عن إرادتك لن يحقق الكثير. بدلًا من ذلك، حاولي تركيز طاقتك على تحديد الأشياء التي تحت سيطرتك، ومعرفة ما يمكنك فعله حيالها، واقرأي المزيد عن كيفية تقبل الأشياء الخارجة عن إرادتك.
افعلي ما يجعلك سعيدًة:
إذا كنت تقضين الوقت في فعل الأشياء، التي تستمتعين بها، فمن المرجح أن تفكري بشكل إيجابي. لذا حاولي تخصيص وقتًا قصيرًا كل يوم لفعل أشياء تسعدك، كالقراءة أو الطهي.
كوني صديقة لمن حولك:
من المؤكد أن تقديم المساعدة للآخرين ومراعاتهم سيجعلك تشعرين بالرضا عن نفسك. ويخلق جوًا من السعادة المتبادلة بين الطرفين.
تخلصي مما يثير أفكارك السلبية:
حاولي تحديد المواقف أو الموضوعات التي تثير أفكارك السلبية وتخلصي منها. ربما تكون أختك الكبرى هي الأخت المثالية، لذلك عندما تجتمعون مع العائلة، قد يجعلك ذلك تشعرين بالسوء تجاه نفسك.
تعلمي أن تكوني حازمًة:
تعلمي أن تكوني حازمًة، فيما يتعلق باحترام آراء الآخرين واحتياجاتهم، وتوقع نفس الشيء منهم. إحدى الحيل لتحقيق ذلك هي النظر إلى الأشخاص الآخرين، الذين يتصرفون بحزم، ونسخ وتطبيق ما يفعلونه. الأمر لا يتعلق بالتظاهر بأنك شخص آخر، إنما بالتقاط التلميحات والنصائح، من الأشخاص الذين تحترمينهم، والتي تُظهر حقيقتك.
نصائح بسيطة تساعدك على تعزيز تقدير الذات
إليك بعض النصائح الإضافية، إلى جانب خطوات تقدير الذات، التي تم ذكرها أعلاه، والتي تساعدك في تعريز تقديرك لذاتك:
تقبلي المجاملات والإطراءات:
يواجه بعض الناس صعوبة في تصديق الاطراءات، الكلمات اللطيفة والثناء عليهم من الآخرين. هؤلاء مقتنعون بعدم صحة ما يسمعوه. ننصحك بعدم فعل ذلك، فعندما يقول البعض شيئًا لطيفًا عنك، صدقيهم، قولي “شكرًا لكم” ولا تتجاهليهم، وامضِ قدمًا بابتسامة امتنان على وجهك.
تعرفي على ما أنت جيدة فيه:
نحن جميعًا جيدون في انجاز شيء ما، ونميل إلى الاستمتاع بالأشياء التي نجيدها، سواء كان ذلك الشيء الطهي أو الغناء، أو غير ذلك، والتي يمكنها أن تساعدنا في تحسين مزاجنا.
ضعي قائمة بصفاتك الحميدة ونجاحاتك السابقة:
أحيانًا نركز أكثر من اللازم على سلبياتنا، وننسى أن نلاحظ صفاتنا الجيدة. لذا خذي بعض الوقت واكتبي سبب كونك شخصًا رائعًا. هل أنت أم عظيمة؟ هل أنت ذكية؟ هل لديك مهنة تستمتعي بها؟ زواج ناجح؟ ما الذي كنت تفعليه بنجاح في الماضي؟ أيًا كانت، اكتبيها وراجعيها يوميًا لتذكير نفسك بكيفية إحداث فرق في حياتك.
ابدئي بقول “لا”:
غالبًا ما يشعر الأشخاص الذين يعانون من تدني احترام الذات أنه يتعين عليهم قول “نعم” دائمًا للآخرين، حتى عندما لا يريدون ذلك حقًا. الخطر هو أن تصبحي مثقلًة بالاستياء والغضب والاكتئاب. أما بالنسبة للغالبية، فإن قول “لا” لا يعكر صفو علاقاتهم. قد يكون من المفيد الاستمرار في قولك “لا”، ولكن بطرق مختلفة، حتى يتلقف محيطك الرسالة ويتفهمك.
امنحي نفسك التحدي:
نشعر جميعًا بـ التوتر أو الخوف من القيام بأشياء معينة، جديدة، في بعض الأحيان. لكن الأشخاص، الذين يتمتعون بتقدير الذات الصحي، لا يتركون هذه المشاعر تمنعهم من تجربة أشياء جديدة، أو مواجهة التحديات. حددي لنفسك هدفًا، مثل الذهاب إلى مناسبات اجتماعية. سيساعدك تحقيق هدفك على زيادة احترامك لذاتك.
استخدمي التنويم المغناطيسي:
التنويم المغناطيسي، هو أيضًا وسيلة قوية جدًا لتصحيح المعتقدات السلبية في رأسك، من خلال إعادة برمجة العقل الباطن. يمكنك الاستماع باستمرار إلى أقراص التنويم المغناطيسي المضغوطة الإيجابية من أجل المساعدة في بناء احترامك لذاتك، وتحقيق بعض القفزات العملاقة في ذلك.
استخدمي التأكيدات والتصورات:
التأكيدات والتصورات، أدوات قوية لإعادة برمجة تفكيرك. كلما كررت الكلمات أو تخيلت شيئًا ما في عقلك، زاد تصديق عقلك الباطن له. لذا كرري عبارات إيجابية لنفسك عن نفسك مثل، “أنا شخص جيد، أنا بصحة جيدة، أنا قوية، أنا محبوبة “، ثم تخيلي نفسك بهذه الهيئة.
بناء الثقة بالنفس لتعزيز احترام الذات
على الرغم من أنهما غالبًا ما يتم استخدامهما بالتبادل، إلا أن الثقة بالنفس واحترام الذات هما في الواقع مختلفان تمامًا. فالثقة بالنفس هي مدى احتمالية تحقيقك لشيء ما، أما احترام الذات فهو القدرة على إعطاء قيمة لنفسك، والإيمان بقيمتك الإجمالية كإنسان. فيما يلي خطوات لبناء الثقة بالنفس للتمتع بـ تقدير الذات بشكل صحي:
تحدي المعتقدات السلبية:
حددي معتقداتك السلبية، التي لديك عن نفسك، ثم تحديها. على سبيل المثال، قد تخبري نفسك أنك “غبية جدًا” للتقدم لوظيفة جديدة.
بناء العلاقات الإيجابية:
حاولي أن تحيطي نفسك بأشخاص إيجابيين يثقون بك ويؤمنون بقدراتك، يحترمونك ويقدرونك، ويجعلونك تشعرين بالرضا عن نفسك.
تجنب العلاقات السلبية:
تجنبي أولئك الذين يميلون إلى إثارة تفكيرك السلبي ويقللون من شأنك أو يحبطوك. حاولي قضاء وقتًا أقل معهم، أو أخبريهم بما تشعرين به حيال كلماتهم أو أفعالهم السلبية. دافعي عن نفسك، واعلمي أنك تستحقين الحب والاحترام كما أنت.
طريقة التحدث مع النفس:
هل لديك أية فكرة عن عدد الأفكار السلبية التي تدور في ذهنك، عن نفسك، كل يوم؟ حتى لو كان الأمر بسيطًا مثل، “يبدو شعري فظيعًا اليوم” … أنت بحاجة إلى مراقبة أفكارك والتحكم فيها. لذا احصلي على دفتر ملاحظات واكتبي كل فكرة سلبية تقوليها، عن نفسك، لنفسك. ألقِ نظرة بعد حوالي أسبوع. ثم اكتبي سبب عدم صحة كل الأفكار السلبية السابقة.
معاملة النفس كصديق:
نحن جميعًا أقسى على أنفسنا من قساوتنا على أصدقائنا. وبينما نهدم أنفسنا، يحاول أصدقاؤنا الجيدون رفعنا وتعزيز ثقتنا بأنفسنا. حسنًا، حاولي أن تتصرفي مثلهم. كوني صديقة نفسك، وامدحي نفسك وأكدي إيجابياتك. أنت لا تحتاجين الاعتماد على الآخرين للقيام بذلك، يمكنك أن تفعلي ذلك لنفسك أيضًا.
لا تقارني نفسك بالآخرين:
إذا كنت تقارنين نفسك باستمرار بنجوم السينما، على سبيل المثال، فستشعرين بالتأكيد بالسوء تجاه نفسك. لا تفعلي ذلك، بل ركزي على مدى حظك، وقارني نفسك بأشخاص ليسوا محظوظين مثلك. إذا كان لديك سقف فوق رأسك وطعام على مائدتك، فأنت من بين أكثر الناس حظًا في العالم. كوني شاكرة لما لديك ولا تشكي ما ينقصك.
الاحتفال بالانجازات الصغيرة:
يعد الاحتفال بالانجازات الصغيرة طريقة ناجعة لبناء الثقة في النفس، والبدء في الشعور بتحسن تجاه ذاتنا. حاولي كتابة ثلاثة أمور قمت بعملها، بشكل جيد، في نهاية كل يوم.
عدم التفكير مليًا في الماضي:
ربما فعلت في الماضي، شيئًا تخجلين منه، غش صديقتك مثلًا. حسنًا، لا يمكنك التراجع الآن. فقط قولي لنفسك، “لقد ارتكبت خطًأ، لكن هذا لا يجعلني شخصًا سيئًا.” كل ما يمكنك فعله هو أن تسامحي نفسك، وتقرري أن تفعلي ما هو أفضل، ومن ثم المضي قدمًا، فجلد الذات لا يجدي، بل لدينا الفرصة لنجعل اليوم وغدًا أفضل ما في وسعنا. تحركي للأمام وللأعلى، لا للخلف والأدنى.
البحث عن صديق احترام الذات:
تغيير العادات من الأمور الصعبة التي تحتاج إلى المزيد من الإرادة لتحقيقها، واحترامك لذاتك هو أيضًا “عادة”، فهي طريقة معتادة للتفكير بنفسك. لذا عندما نكون سلبيين، من المفيد أن يلفت انتباهنا أحد الأصدقاء ويساعدنا على التوجه بالاتجاه الصحيح. ففي بعض الأحيان لا ننتبه لتصرفاتنا، حتى عندما نكون محبطين لأنفسنا، لأننا نفعل ذلك كثيرًا. سيدعمك “صديق احترام الذات”، وبالمقابل يمكنك دعمه.
الفصل بين المشاعر والحقائق:
قد تعتقدين أنك تعانين من زيادة الوزن، ولكن قد لا تكونين كذلك. فربما يكون وزنك متوسطًا، لكنك نشأت مع أختين كبيرتين نحيفتين بطبيعتهما. إذا كنت تقارنين نفسك باستمرار بهما وهما تنموان، فقد تكوني قد وصفتِ نفسك بـ “السمينة”. ومع ذلك، هذه فقط مشاعرك، وقد تكون الحقائق مختلفة تمامًا.
أين تجدين المساعدة لتعزيز احترام الذات؟
يمكن أن تساعد العلاجات النفسية، مثل الاستشارة، أو العلاج السلوكي المعرفي (CBT)، في تحقيق رفع تقدير الذات. يمكنك التحدث إلى طبيب عام أولًا ومن ثم يمكنه إحالتك إلى عيادات العلاج النفسية، أو معالج نفسي خاص، لمساعدتك على استبدال الأفكار السلبية بأفكار أكثر إيجابية.
أخيرًا …
بادري بالتحرك … فالاكتفاء بقراءة هذا المقال لن يفيدك، في رفع تقديرك لذاتك، ما لم تأخذي بالأسباب. قومي بعمل ما، فلن يتغير شيء ما لم تفعلي. كل شيء يبدأ بقرار.
المصادر